بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجّل فرجهم يا كريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يمر المؤمن بحالة توافقية وتفاعلية مع المواقف التي تعترضه للتغلب على العوائق المفاجئة ونوازل الدهر الشديدة ، التي تسلب راحته وتضج مضجعه ، وتكدر فؤاده ، وتخلق موجة من ردود الفعل السريعة والإنفعالية ، وتارة أخرى حالة من الإنسحاب الإكتئابي وتتصف بالإحجام ، والمؤمن قد لا يدرك - على المدى البعيد - مآل هذه الإنفعالات والمشاعر على النفس والآثار الجانبية التي تخلفها عاصفة الرزايا . إلا أن الموقف وبصورته الشديدة وبقوته القاسية نجده يخنع منكسراً أمام حقيقة اليقين والذي يلد التوكل في رحم القلوب ، إذ غدت النفوس بفضله صلدة تصد خطوب الزمن بكل عنفوان ، والقلب راضياً قانعاً بما قسمته له السماء ، بينما من يخلو وفاضه من نور التوكل قد لا يحتمل الملمات العابرة والتي تهتز معها النفس إضطراباً ، ويبدأ معهم الموقف بإبتلاء يتبعه جزع ووجل ، ثم يتحول إلى حالة من التوتر ، ثم يتوه التفكير في ثنايا المعضلة لإيجاد المخرج ، ويطرق الشيطان باب القلب موسوساً مضرماً نار الشك فيزداد الحال سوءً وكدراً. وهو في حيرة من أمره !

ولعلنا نتسائل - كمداً - حول بعض أهل الإيمان والتقوى ممن يحملوا تلك الدرجة من الحساسية العالية تجاه الحركة الضاغطة من سلسلة الإبتلاءات اليومية ، والتي لا تخلو من اختبار رباني للمرتبة الإيمانية التي يتفاخر بها المؤمن ، إذ نلحظ التذبذب في ميزان التوكل ، كون الإبتلاء سلب البقية الباقية من صبابة التوكل ، وأشغل العقل في سجن النائبة ، وغشّى الحواس عن نور التوكل ..! هنا ! على المُبتلى أن لا يتسائل - جحوداً - أين الله تعالى مما أنا أعاني منه ! أين اللطف الخفي ! أين صاحب الرحمة ! هذا المنطق لن يحل مشكلة قائمة ، بل أدخلك في مشكلة معنوية أخرى أسقطتك من مرتبة عملت لها لسنوات !

اختبار " التوكل على الله " :-
================

لنتتبع هذا الاختبار في أسئلة موجزة ، ونتعرف على درجة التوكل في قلوبنا إلى حد ما :

- ما هي درجة خوفك من نوائب الدهر ، ومخاطر المستقبل ؟
- ما هي درجة حرصك على جمع المال وتأمين سبل الحياة ؟
- ما هي درجة حزنك عندما تفقد ما يعز عليك فقده ؟
- ما هي درجة قلقك عند انتظار خبر ذو أثر كبير في حياتك ؟
- ما هي درجة الضيق الذي تشعر به لتعسر أمورك المصيرية ؟
- ما هي درجة جزعك في المواقف الشديدة ؟
- ما هي درجة خيبة أملك عندما يطول بك المرض ؟


تسلط هذه الأسئلة الضوء على درجة الإتكال من خلال ردود أفعالنا تجاه المواقف الخانقة ، ودرجة تفويض أمرنا لله عز وجل . وإن كانت هذه الأسئلة لا تعتبر المحك والمقياس المثالي لحساب درجة التوكل في القلب ، إلا أنها تساعد في فهم ما نصبو لإيضاحه في معنى الإتكال . فإن أظهرت الدرجات ارتفاعاً في المستوى فهذا مؤشر منحرف عن واقع التوكل ، ويستلزم وقفة جادّة من المؤمن لعلاج هذا الجانب من جوانب القلب ، والعمل على خلق حالة تفويض حقيقي لمواجهة إبتلاءات الحياة ، فمن أعطى التوكل أعطى الكفاية في دنياه ، ومن تسلح بالتوكل هدأت نفسه ، ومن ثمر التوكل في قلبه جنى الرضا واطمئنان النفس ، إذن ما هو السبيل لتحقيق ذلك ؟؟

إذن يجب مراقبة القلب جيداً ونبذ الإملاءات الشيطانية التي تجعل لسانك يلهج بالمعصية الضمنية ، في ندب الذات وسوء الطالع ، إذ عليك أن تسأل أين ثقتي بالله ؟ ما هذا التفويض الوضيع الذي أحمله في قلبي ؟ أين "حسبي الله ونعم الوكيل" في قاموس مسيرتي السلوكية ! لنمد شراع القلب للإبحار في عمق المعاني الجلالية والجمالية لنتعرف على حقيقة من نتكل عليه بيقين مطلق ، وذلك بالتفكر والعمل بحقيقة العبودية ، وتتبع سيرة الأبرار المجتبين الأخيار ، لنرتقي بمستوى الإيمان ثم تنشأ نطفة التوكل وتكون هي واقعنا المعيشي ، نجعل " وأفوض أمري إلى الله " هي كويكب يدور في فلك الفؤاد حين تواجهنا المحن ، وليس مفاهيم معنوية نقرأها في الكتب الأخلاقية ، ويتلاشى أثرها مع خريف الأيام !

ومن يقرأ الآية الكريمة ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) ليجد أن هناك علاقة إيجابية واضحة ، وهي علاقة درجة التوكل مع درجة الكفاية الربانية لكل أمر يعترينا ، أي كلما أرتقى توكلك كلما وجدت الكفاية التي وعدك الله بها وهو لا يخلف الميعاد ، إذ جاء في الأثر (( ومَن أُعطِيَ التوكُّلَ أُعطِيَ الكفاية )) ، فإن علم الله تعالى هذا الرجاء والتوكل في أمرك وبان الرضا في قسمات قلبك لأعطاك سؤلك ، بل نطمع بأعلى درجات التوكل ، فقد روي عن علي بن سويد، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) قال : سألته : عن قول الله عز وجل: " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " فقال: التوكل على الله درجات منها أن تتوكل على الله في أمورك كلها، فما فعل بك كنت عنه راضيا، تعلم أنه لا يألوك خيرا وفضلا وتعلم أن الحكم في ذلك له، فتوكل على الله بتفويض ذلك إليه وثق به فيها وفي غيرها. (*)


قراءات لعلاج ضعف التوكل :-
================

وهي أعمال ناجعة - بإذن الله تعالى - مقتبسة من كتاب " بين يدي الأستاذ " للسيد حسن الأبطحي ، مع إضافة ما يلزم لتحقق المطلب .

* القراءة بعد صلاة الفجر :-
1- تضع كف يدك اليمنى على صدرك وتهتف ( يا فتاح ) بعدد 70 مرة ، ثم تُنزل كف اليد .
2- تقرأ ما يلي /
بسم الله الرحمن الرحيم ((لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. تَوَكَّلْتُ‏ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ‏ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرا)) . ( مرة واحدة )
3- ثم تقول (( بِسْمِ اللهِ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ , وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيْرٌ بِالْعِبَادِ , فَوَقَاهُ اللهُ سَيِّئاتِ مَا مَكَرُوا لا إِلـهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِيْنَ , فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِيْنَ , حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيْلُ , فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ , مَا شَاءَ اللهُ لا حَوْلَ وَلاَ قُوّةَ إِلاَّ بِاللهِ مَا شَاءَ اللهُ لا مَا شَاءَ النَّاسُ مَا شَاءَ اللهُ وَإِنْ كَرِهَ النَّاسُ , حَسْبِيَ الرَّبُّ مِنَ الْمَرْبُوبِيْنَ , حَسْبِيَ الْخَالِقُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ , حَسْبِيَ الرَّازِقُ مِنَ الْمَرْزُوقِينَ , حَسْبِيَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِيْنَ , حَسْبِي مَنْ هُوَ حَسْبِي ، حَسْبِي مَنْ لَمْ يَزَلْ حَسْبِي ، حَسْبِي مَنْ كَانَ مُذْ كُنْتُ لَمْ يَزَلْ حَسْبِي ، حَسْبِيَ اللهُ لاإلـهَ إلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيْمِ )) ( مرة واحدة )


- عدد مرات القراءة : مرة واحدة في اليوم ، ولمدة أربعين يوماً . كما يمكن المداومة على القراءات حتى يتحقق الأثر .
- وقت القراءة : بعد صلاة الفجر .
- القراءات لا تتعارض مع البرامج العبادية .
- تم التدقيق في القراءات ، وتعديل ما يلزم .
- بالإضافة لرفع ملكة التوكل فالقراءة لها آثار روحية جانبية كتفريج الهم والغم .

والله تعالى أعلم,,,

نسأل الله لكم التوفيق ببركة وسداد أهل البيت عليهم السلام